1.1.13

رسالة من الأخ محمد عبد العزيز،


الجمهورية العربية الصحراوية الديقراطية
الرئاسة
31 ديسمبر 2012
رسالة من الأخ محمد عبد العزيز، رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة، إلى مناضلي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، ومن خلالكم كافة أفراد الشعب الصحراوي المكافح في مختلف نقاط تواجده،بمناسبة حلول السنة الميلادية الجديدة 2013، سنة تخليد الذكرى الأربعين لتأسيس الجبهة واندلاع الكفاح المسلح
------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: "ان ينصركم الله فلا غالب لكم" صدق الله العظيم، آل عمران 160

مناضلي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، ومن خلالكم كافة أفراد الشعب الصحراوي المكافح في مختلف نقاط تواجده،
تستعد كافة شعوب المعمورة لاستقبال سنة 2013، كباقي السنوات، مناسبة لتبادل التهاني والأماني بموفور الرخاء والتقدم والصحة، لكنها، قبل ذلك وبعده، بالنسبة للشعب الصحراوي مناسبة استثنائية كونها سنة تخليد أول أربعينية للجبهة الشعبية للتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، قائدة المشروع الوطني الصحراوي المعاصر وحاضنة الفعل الوطني وضامن حتمية انتصاره.  
بمناسبة العام الجديد الذي يصادف مرور أربعين سنة على ميلاد الجبهة الشعبية واندلاع الكفاح المسلح في الصحراء الغربية وامتطاء الصحراويين صهوة جواد العزة والمقاومة والتحدي من أجل إقرار حقهم المشروع غير القابل للتصرف في الحرية والاستقلال، أهنئ جميع مناضلي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب وكافة أفراد الشعب الصحراوي في مختلف نقاط تواجدهم، داعيا الجميع إلى استحضار وتمثل العام الجديد، ليس كباقي الأعوام التي هي بالتأكيد طافحة بأحداث ومناسبات مهمة في تاريخ نضالنا الوطني، وإنما لكونه عام تخليد الذكرى الأربعين لميلاد الجبهة الحدث الأبرز في التاريخ الصحراوي ، حيث ستحوم من حوالينا جميعا أرواح شهدائنا البررة في ساحات الوغى وتحت سياط التعذيب، تنتظر هدية 2013 المؤملة، وهي جعلها، من أول يناير إلى 31 ديسمبر، سنة استنهاض الهمم وشحذ العزائم ومضاعفة البذل والعطاء في مختلف ساحات الفعل الوطني لخوض الوثبة الأخيرة لافتكاك مبرر تأسيس ووجود الجبهة الشعبية ألا وهو فرض احترام حق الشعب الصحراوي الحتمي وغير القابل للتصرف في الحرية والاستقلال الوطني والسيادة على كامل تراب الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.       
مناضلي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، ومن خلالكم كافة أفراد الشعب الصحراوي المكافح في مختلف نقاط تواجده،
لقد شكل ميلاد الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب يوم 10 ماي 1973 حدثا مفصليا في تاريخنا المعاصر، حيث أتت كتتويج طبيعي لعقود طويلة وتراكمات عديدة من تجارب المقاومة، منظمة وعفوية، خاضها الشعب الصحراوي الأبي بكل بسالة ضد كل أشكال الاحتلال الأجنبي، مشكلة بذلك أول إطار تنظيمي سياسي جامع لكل الصحراويين، يزاوج بين الوفاء لثقافة الشعب الصحراوي الأصيلة وترسيخ قيمه النبيلة، وضرورة حشد كافة أسباب النصر من خلال تأسيس تنظيم سياسي عصري حاضن لكل الصحراويين ينظم ويقود كفاحهم الوطني على أساس مبادئ الوحدة الوطنية، المساواة والعدالة الاجتماعية. تنظيم سياسي مؤمن بعدالة القضية ومشروعية الكفاح الوطني وقادر على استنهاض كل مكامن قوة الصحراويين وصهر طاقاتهم الخلاقة في زخم من الفعل والتفاعل الايجابيين نحو تحقيق النتيجة الحتمية؛ الاستقلال الوطني.
ان هذه المناسبة، ونحن نخوض آخر أشواط معركة التحرير الوطني المظفرة بعد أربعين سنة من التضحيات الجسيمة، لتحمل، في الوقت ذاته، دعوة للتأمل، من جهة، في حجم الانجازات المحققة والمكانة المرموقة التي باتت تحتلها القضية الصحراوية في المحافل الدولية وبات يحتلها الشعب الصحراوي في قلوب أحرار العالم في صغار الجزر المعزولة وفي كبار عواصم العالم. وهي، من جهة أخرى، دعوة لاستحضار الصعوبات الجمة، والمظالم الكبيرة والمؤامرات متعددة الأطراف والتحديات العديدة التي استطاع الشعب الصحراوي رفعها، بكل جدارة، بقيادة الجبهة الشعبية. فالتاريخ يسجل لحركة التحرير الوطنية الصحراوية، بالرغم من حداثة سنها، وحداثة عهد مناضليها بأساليب لنضال الوطني العصري والقلة العددية لشعبها ومعاناته مع كل مظاهر التخلف والتفرقة الممنهجة التي كان الاستعمار يرعاها طيلة قرن من الزمن، أنها تمكنت، في ظرف قياسي، من إحداث القفزة النوعية في التنظيم والتعبئة والكفاح السلمي والمسلح معا، لتنجح في  الدفع بالشعب الصحراوي إلى واجهة الأحداث باعتباره الرقم الأصعب في معادلة الصراع والصخرة المتماسكة التي تناثرت أشلاء من حواليها اتفاقية مدريد الثلاثية 14 نوفمبر 1975 ومن بعدها كل المحاولات اللاحقة التي كانت تتوهم إمكانية القفز على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال الوطني.
اليوم، وبالرغم من مكر الدولة المغربية والدعم اللامشروط الذي حظيت به من طرف قوى دولية كبرى، إلا أن صمود الشعب الصحراوي وتسابق بناته وأبنائه المخلصين للتضحية والنضال في إطار الجبهة الشعبية طيلة العقود الأربعة الماضية، جعل العالم بأكلمه يقر بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وباستحالة القفز على حقه المشروع في التعبير الحر عن إرادته من خلال استفتاء ديمقراطي تحت رعاية الأمم المتحدة. مكسب حيوي، لم يكن من السهل تحصينه في ظل عالم قد لا يكون عادلا بالضرورة، فيما يتعلق بصراع الحق والقوة، وهو، في جميع الأحوال، في انتظار سنة أربعينية البوليساريو سنة 2013، حيث ينتظر أحرار العالم من مناضلي الجبهة وجميع أفراد الشعب الصحراوي تشريف هذا الحدث التاريخي بالتشمير عن سواعد الفعل النضال في مختلف ساحات التواجد ومضاعفة البذل وإذكاء نار المقاومة تحت أقدام الاحتلال منذ الساعة صفر من العام الجديد إلى آخر أيامه.

مناضلي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، ومن خلالكم كافة أفراد الشعب الصحراوي المكافح في مختلف نقاط تواجده،
منذ اندلاع الكفاح المسلح، ومن خلال ديناميكية حرب تحرير وطني نظيفة خاض خلالها جيش التحرير الشعبي الصحراوي معارك بطولية ستبقى مآثر خالدة للأجيال القادمة، تسابق خلالها أبناء الشعب الصحراوي شبابا وشيبا لمعانقة الشهادة والحصول على شرف تعطير ثرى الساقية الحمراء ووادي الذهب، ومن بعدها سنوات وقف إطلاق النار ووضع "الأصبع على الزناد" في التدريب وإعادة التدريب وتحديث العدة والعتاد، تمكنت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب من تأسيس جيش قوي وعصري يشكل الضمانة الإستراتيجية للمشروع الوطني واليد الضاربة المتأهبة لفرض إرادة الشعب الصحراوي بالقوة، إذا اقتضى الأمر.  اليوم، وبعد أربعين سنة،  يقف الصحراويون اليوم وقفة إجلال وإكبار أمام هذا الصرح الشامخ، الذي، بعكس جيوش الاحتلال، كانت إرادة الاستشهاد والقناعة بعدالة القضية وحتمية انتصارها سلاحه الأكثر فتكا وذخيرته التي لم ولن تنضب أبدا. مقاتلو جيش التحرير الشعب الصحراوي، ورثة هذه المأثرة الباسقة، مطالبون من جعل 2013، حيث تحل الذكرى المزدوجة لأربعينية الجبهة الشعبية وأربعينية اندلاع الكفاح المسلح يوم 20 ماي 1973، سنة استحضار مآثر الرعيل الأول ممن هزموا الجيوش الجرارة ببنادق بسيطة من أجل تخليد الذكرى، كما يتناسب مع كونها أربعينية الجبهة وأربعينية جيش التحرير الشعبي الصحراوي، من خلال جعلها منذ 01 يناير إلى 31 ديسمبر سنة استثنائية في تحقيق الأهداف المسطرة في استكمال الجاهزية، الانضباط، التدريب وإعادة التدريب والرفع من مستوى توهج المؤسسة العسكرية الصحراوية لمواصلة لعب دورها التاريخي كمؤسسة استقطاب براقة للشباب الصحراوي.
وإذ نستقبل العام الجديد، حيث نستعد لتخليد أربعينية الجبهة الشعبية، فإن العالم يقف على حقيقة توحد كافة أفراد الشعب الصحراوي في مخيمات اللاجئين والمناطق المحررة وفي الأرض المحتلة وجنوب المغرب وفي المهجر خلف الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ومشروعها الوطني في تقرير المصير والاستقلال الوطني. لقد شاهد العالم الانهيار المدوي، منذ سنة 2005 خاصة، للدعاية المغربية  التي كانت تهدف من أجل مواصلة إنكار حق تقرير المصير إلى إعطاء الانطباع  بوجود اختلاف في الرأي بين الصحراويين شرق وغرب الحزام، وهو ما تكفلت انتفاضة الاستقلال وما تخللها من تنويع لأساليب النضال السلمي وتوسيع للمشاركة الجماهيرية الواسعة في أبرز محطاتها، بإقباره إلى الأبد. إن ملحمة مخيم "أكديم ايزيك"، وبقدر ما كانت تعبيرا سلميا وحضاريا عن نفاذ صبر الصحراويين إزاء الاحتلال وممارساته وخنقه للحريات ومصادرة حق تقرير المصير، فقد كانت تعبيرا رمزيا، تبادر لذهن العالم منذ الوهلة الأولى، عن وحدة المصير والرأي والانضواء تحت أهداف الجبهة الشعبية بين أفراد الشعب الصحراوي في مخيمات اللاجئين وفي مخيم "أكديم ايزيك". لقد تمكن الشعب الصحراوي من خلال انتفاضة الاستقلال من قطع الطريق، إلى الأبد،  أمام كل مناورات الاحتلال وجعلت من العيون محج الوفود الدولية من كل مكان، للوقوف على حقيقة رفض الصحراويين للاحتلال المغربي وتمسكهم بالحق في تقرير المصير والاستقلال، وهو مكسب لا يقدر بثمن. ومثلما هو مطلوب من الصحراويين في مختلف نقاط الفعل الوطني، فان الاحتفال والاحتفاء بأربعينية الجبهة الشعبية في المدن المحتلة ومدن جنوب المغرب لا يمكن أن يقتصر على يومي 10 ماي و20 ماي، وإنما على مدار سنة 2013 من خلال الرفع من وتيرة المقاومة السلمية وتكثيف وقفات التحدي وتنويع أساليب النضال الديمقراطي الحضاري من اجل جعل سنة 2013 سنة تسليم الاحتلال بأن خيار ترهيب الصحراويين لا يجدي نفعا وأن احترام إرادتهم في الحرية وتقرير المصير هو الخيار الأفضل للشعبين الصحراوي والمغربي اللذين ستربطهما، طال الدهر أو قصر، علاقات أخوية على أساس التعاون والتكامل والاعتراف والاحترام المتبادلين. 

مناضلي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، ومن خلالكم كافة أفراد الشعب الصحراوي المكافح في مختلف نقاط تواجده،
وإذ نستعد لتخليد أربعينية الجبهة على مدار سنة 2013، فإننا نستحضر أيضا ضراوة حرب من نوع آخر خاضها الشعب الصحراوي تحت قيادة الجبهة الشعبية في المحافل والهيئات الدولية أفضت إلى تكريس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية العضو المؤسس للاتحاد الإفريقي والتي  تعترف بها أكثر من 80 دولة في العالم تتكرس اليوم كحقيقة قائمة على المستوى الجهوي والقاري والدولي وشريكا ذا مصداقية، تتعزز، يوما بعد الآخر، مكانته وثقة العالم فيه.  كما أن شبكة حركة التضامن الدولي مع الشعب الصحراوي ومع رائدة كفاحه الوطني الجبهة الشعبية تتسع وتكتسح، يوما بعد الآخر، ساحات جديدة معبرة بصدق عن ضمير الإنسانية الرافض للظلم المرتكب بحق الشعب الصحراوي والمندد بالقمع الممارس بحقه من طرف الاحتلال المغربي.  لقد تم تكريس حق الشعب الصحراوي ووجوده على المستوى الدولي بشكل لا رجعة فيه، وهو مكسب تطلب الكثير من التضحيات والفعل والبراعة في استعمال سلاح الحق في مقابل سلاح المال والمصالح الذي لجأت وتلجأ الدولة المغربية إليه بشكل ممنهج.  إن الاحتفاء بالجبهة الشعبية في سنة أربعينيتها 2013 على المستوى الدبلوماسي، ينبغي أن تكون بالتشمير عن سواعد الجد منذ اليوم الأول من سنة 2013  وتعزيز الحضور ومحاصرة أطروحة الاحتلال في قلاع تحالفاتها التقليدية وإخراجها من آخر متاريسها عارية، كما هي، كحالة استعمار وإنكار صارخ لحق شعب تكفله القوانين واللوائح الدولية في تقرير المصير والاستقلال. 
كما أن الزهرة مركبة الألوان التي زرعتها الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب خلال الأربعين سنة الماضية في ربوع صحاري اللجوء، لتعد مكسبا وتجربة حضارية ودرسا خالدا في قدرة الإنسان الصحراوي المتعلق بالحرية والمفعم باردة التحدي في التكيف مع الواقع مهما كان صعبا، وإنتاج أفضل أسباب الصمود والتطور والرقي. العام الجديد، مناسبة للرجوع بالذاكرة إلى مطلع السبعينات لإجراء المقارنة الضرورية من أجل الوقوف على حجم القفزة العملاقة التي قطعها الشعب الصحراوي تحت قيادة الجبهة الشعبية  في العديد من المجالات أبرزها الرعاية الصحية، إجبارية ومجانية التعليم وكذا ترقية دور المرأة الصحراوية وهي ميادين شكلت فضاء لثورة داخل الثورة، أنتجت جملة المكاسب التي نقف عليها اليوم، والتي تشكل، بالإضافة إلى عدالة القضية، أدوات لاستقطاب دعم وتعاطف المجتمع الدولي. فعلى سبيل المثال، لا الحصر، لم يكن من السهل أبدا، أن نقف بعد أربعين سنة، وهي لحظات في أعمار الشعوب، على حقيقة أن معدل الأمية في مخيمات اللاجئين والمناطق المحررة لدى الأشخاص المولودين بعد سنة 1968 هو صفر. لقد كان راسخا لدى الجبهة الشعبية منذ اليوم الأول أن لا معنى لتحرير الأرض بمعزل عن تحرير الإنسان، واستقبال سنة تخليد أربعينيتها يجب أن يكون بالمزيد من مضاعفة الجهود في الوفاء لتلك العقيدة الراسخة في تكوين الإنسان الصحراوي من خلال فتح المزيد من أوراش التأهيل في تلك الميادين  والتحضير لاستكمال السيادة وبناء الدولة الصحراوية العصرية على مدار كل أيام سنة 2013.   

مناضلي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، ومن خلالكم كافة أفراد الشعب الصحراوي المكافح في مختلف نقاط تواجده،
ونحن نستحضر تلك العناوين الكبرى للمكاسب الوطنية المحصلة خلال أربعين سنة من عمر الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، فان ذاكرة أي منا لا يغيب عنها حجم التضحيات والمعاناة والمكابدة التي تم تقديمها من طرف الصحراويين، كل من موقعه النضالي، من أجل ذلك. لقد انصهرت دماء الشهداء الزكية في ساحات المعارك البطولية التي خاضها جيش التحرير الشعبي الصحراوي مع أنات ودماء وأجسام المعتقلين الصحراويين المتألمة تحت سياط جلادي الاحتلال في السجون المغربية مع دموع وآهات الأرامل والثكالى وعرق المخلصين والمخلصات من الوطنيين الصحراويين، على مدار السنوات الأربعين الأخيرة في بوتقة واحدة وموحدة يؤلفها الإيمان المطلق بعدالة القضية وحتمية الانتصار، لتشكل في النهاية، إلياذة المقاومة والصمود التي بهرت العدو قبل الصديق. أربعون سنة تشكل مناسبة للترحم على أرواح جميع شهداء القضية الصحراوية وموعدا لتجديد العهد والتأهب لخوض غمار آخر أشواط الكفاح الوطني في 2013 بنفس وروح وجلد 1973.
لقد أفشلتم، على مدار الأربعين سنة الماضية،  بقوة شكيمة الشعب المناضل والموحد والمؤمن بعدالة قضيته كل مخططات الاحتلال الرامية إلى تركيعكم وحملكم، أحيانا بقوة النار وأخرى بقوة التآمر، على التسليم بالأمر الواقع وقبول الاسترقاق والمهانة والخنوع. فقد جرب الاحتلال توقيع الاتفاقيات والاستعانة بالقوى الدولية الكبرى وحشد كل قواه على الأرض، واهما أن الأمر لا يتعدى "رحلة أسبوع"، لكنكم، لوحدكم، أفشلتم تلك المؤامرة عابرة القارات، وأوضحتم للمملكة المغربية، وللعالم من وراء ذلك، أن الشعب الصحراوي كان سيدا على أرضه منذ الأزل وسيبقى سيدا عليها إلى الأبد. جرب الاحتلال أحيانا سياسة "العصا والجزرة"، فلا انتم انتهرتم عن حقكم المتأصل في الحرية والاستقلال خوفا من العصا، ولا أنتم ساومتم على هدفكم الرئيس في الكرامة والسيادة الوطنية رغبة في الجزرة. تصور الاحتلال أن استقدامه عشرات الآلاف من المستوطنين خلال دفعات متتالية إلى الإقليم كفيل بطمس محياه الصحراوي الأصيل النضر، ففشل ، كما يفشل اليوم في ترهيب المدنيين الصحراويين من خلال تأليب فئات من المستوطنين المغاربة ضد المدنيين الصحراويين في كبريات المدن المحتلة، ليبقى حق الشعب الصحراوي ومقاومته الوطنية عصية على الترويض، وتكتسب يوما بعد الآخر بعدا أكثر بريقا واحتراما أكبر لدى العالم. بيد أن الشعب الصحراوي، وبالرغم من ثقته في حتمية النصر القريب واستعداده المطلق للتضحية بالغالي والنفيس من أجل تحقيقه، إلا أن الأمل سيبقى قائما لديه في إمكانية رجوع الدولة المغربية إلى رشدها وتصحيح الخطأ التاريخي الذي ارتكبته بحق الشعبين الصحراوي والمغربي  من خلال انتهاك الشرعية الدولية وتقاليد الأخوة وحسن الجوار واجتياح الصحراء الغربية وفتح صفحة مؤلمة لا زالت تقطر دما إلى يومنا هذا. فالصحراويون مدركون حق الإدراك حتمية مستقبل التآخي والتآزر المشتركين الذي ينتظر الشعبين، ويأمل أن تكون سنة 2013،  سنة تخليدنا لأربعينية الجبهة الشعبية، سنة تسليم الدولة المغربية بحق الشعب الصحراوي في الوجود، كأخ وجار ينظر إلى المستقبل بكثير من الأمل، مستعد لطي صفحة الماضي المؤلمة من أجل كتاب المستقبل المشرق لما فيه رفاه وازدهار وحسن جوار الشعبين الصحراوي والمغربي وكافة شعوب المنطقة المغاربية. 

مناضلي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، ومن خلالكم كافة أفراد الشعب الصحراوي المكافح في مختلف نقاط تواجده،
ونحن نستعد لاستقبال السنة الميلادية الجديدة 2013، التي تصادف استعدادنا لتخليد الذكرى الأربعين لميلاد الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، ونستحضر مسار كفاحنا الوطني خلال شتى مراحله إلى يومنا، نثمن المكاسب المحصلة، واعين بحجم التضحيات الجسيمة التي بذلت من أجلها، فإننا نقف على الحقيقة الأكبر، الشاخصة للعيان لدى الجميع وهي أن كفاحنا الوطني أصبح اليوم، أكثر من أي وقت مضى، قاب قوسين أو أدنى من التتويج بالهدف الأول والأخير ومبرر تأسيس الجبهة الشعبية ألا وهو الاستقلال واستكمال السيادة الوطنية. الصحراويون مطالبون جميعا، كل من موقعه، بجعل سنة 2013 سنة الشوط الأخير من مسيرة شعبنا المظفرة نحو افتكاك النصر، من خلال تكثيف الفعل ورفع وتيرة البذل ومضاعفة الجهود والاستعداد للتضحية وفاء لروح العاشر والعشرين من ماي سنة 1973.
سنة 2013 التي نستعد غدا لاستقبال شمس أول أيامها، وبالنظر للزخم الايجابي الحاصل على مستوى القضية الوطنية، لا ينبغي  أن تكون سنة عادية في رزنامة الكفاح الوطني الصحراوي، فهي سنة أربعينية الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، وينبغي أن تكون كذلك بامتياز، من خلال جعلها سنة مفصلية وبداية الوثبة الأخيرة. ومثلما كانت 1973 سنة مفصلية في التاريخ الوطني المعاصر، فان أجمل هدية تقدم لشهداء ثورة 20 ماي خلال تخليد ذكراها الأربعين هو جعل سنة 2013 العلامة والسنة الفارقة التي ينتظرها الصحراويون على أحر من جمر من زمن زمن طويل؛ علامة الاستقلال الوطني واستكمال سيادة الشعب الصحراوي على كامل أراضي الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية "وما ذلك على الله بعزيز" صدق الله العظيم، فاطر – الآية 17.


محمد عبد العزيز
رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب